حسن وسعيد:
حسن وسعيد اخوان،ورثا عن ابيهما بيتا خشبيا جميلا صنعه أبوهما النجار باجتهاد وفن،كما ورثا عن أبيهما حرفة النجارة،كان أبوهما امهر نجار فى المدينه،كان حسن يحاول ان يقلد ابيه،ليصبح نجارا ماهرا مثله فى دقة عمله،دائما يحاول ويحاول ولكنه لا ينجح،فيحاول اكثر دون ان يمل من محاوله التعلم،أما سعيد فقد اكتفى بما تعلمه وفهمه من مبادئ حرفة النجارة،فحمل عدته يلف القرى والمدن ينادى،انا سعيد النجار...اصلح الابواب والدواليب القديمة،وفى اخر كل ليلة يعود سعيد ومعه نقود يستطيع ان يشترى الملابس والطعام،اما حسن فلم يكن يكسب اى شئ،كان همه ان يتعلم ويجرب فقط،ويقول لنفسه :لابد ان اتعلم ....حتى اكسب صنعه أبى الجيدة،واصبح نجارا ماهرا مثله.
وفى يوم فاجأ سعيد اخاه حسن قائلا:
انت ترى يا حسن يا اخى ان البيت اصبح ضيقا علينا،امتلأ بالادوات وقطع الخشب التى استخدمها فى عملى،كما اننى اريد ان اتزوج،لابد من حل،اما ان تشترى نصيبى من البيت أو اشترى أنا نصيبك،نظر حسن الى أخيه سعيد وهو حزين.
قال حسن:انت تعرف يا سعيد انه ليس معى نقود.
قال سعيد:اذن اشترى انا منك.
وفى الصباح حمل حسن ملابسه،طلب حسن من اخيه سعيد ان يترك له عده ابيه..المنشار...المطرقة....والمبرد.
ابتسم سعيد وقال :خذها ليس لى بهم حاجة،لقد اشتريت عددا حدسثه وقويه،ترك حسن المدينه وظل يسير حتى ابتعد كثيرا،وجد كوخا صغيرا بجوار النهر،جلس فيه ووضع عدته،ظل يجرب ويجرب،يقطع فروع الاشجار الجافة،ويجرب بخشبها،لا يخرج من كوخه الا ليشترى طعاما،ويعود سريعا ليكمل عمله،وبعد فترة تعلم حسن كيف يركب قطع الخشب الصعيرة،فتبدو قطعه واحده كبيرة وجميله،تعلم ايضا كيف يضيف الالوان الزاهية،ويركب قطع الزجاج المنقوش،تعلم كل شئ حتى اصبح نجارا بارعا،ترك حسن الكوخ ظل يسير حتى وصل الى احدى البلدان،كانت بلده كبيرة وجميله،مبانيها عاليه وشوارعها نظيفة،فرح حسن حين رأى هذه البلدة،مر حسن قريبا من مسجد البلدة،نظر الى باب المسجد،قال حسن هذا الباب يحتاج الى بعض الجهد،ليليق بهذا المسجد الكبير،جلس حسن بجوار الباب يركب اجزاء الباب،ينحت بمبرده نقوشا بديعه الجمال،ويضيف الوانه الزاهية،وقطع البلور الصغيره،ورقائق النحاس،فرح حسن وهو يضيف لمساته الفنيه،والناس كانت تشجعه،وبعد ايام قليله انهى حسن عمله،واصبح الباب جميلا يجذب كل من ينظر اليه،ويبهر كل من يراه.
عرف اهل البلده هذا النجار الجديد:
كانو يقصدونه ليصنع لهم الصناديق الفاخرة التى يضعون فيها مجوهراتهم،ويصنع ابواب البيوت،والمرايا الجميله فى المحلات التجارية،اصبحت شهرته تفوق اى نجار،ينتقل من بلده الى بلده،يحبه الناس لمهارته،ويكسب كثيرا من المال،وفى رحلته كلما رأى شيئا جديدا وقف يتأمله،يتأمل القصور القديمه والقباب،ينظر اليها ويتعلم كيف تصنع،ويذهب ايضا الى المنازل الحديثه الفاخرة يتأملها،يربط بين القديم والحديث،كان دائما يجدد حرفته ويضيف اليها كل شئ جميل،ويبتكر الافكار التى تعجب الناس ويحبونها،وبعد سنوات طويله من السفر والترحال،عاد حسن الى مدينته التى ولد بها،اول شئ فكر فيه حسن ان يزور اخاه سعيد،حين ذهب حسن الى بيت اخيه سعيد،وجد اخاه قد تزوج وانجب اطفالا،ووجده مازال يعمل فى اصلاح الفئوس القديمه،والادوات الزراعيه،والمقاعد القديمه،وقد ذادت حالته فقرا،فرح حسن بمقابله اخيه سعيد،وفرح أكثر بأبناء أخيه الثلاثه،حكى حسن لاخيه سعيد عن رحلته وما تعلمه فى هذه السنوات الطويله،وما اكتسبه من خبرات،وكيف اجتهد وتعب فى طلب التعلم.
قال حسن:لقد عرفت ان العلم ليس له حدود،وأن الانسان عليه الا يكتفى بقدر بسيط منه.
قال سعيد:وأنا قد عرفت الان،ان غنى الانسان فى معرفته،ولاننى لم أكن اعرف غير القليل بقيت نجارا عاديا مثل الكثير من النجارين العاديين،بنى حسن بتا كبيرا،اشترى احدث الالات،تزوج وانجب،كان الناس ياتون اليه من كل مكان ليصنع لهم اثاثهم الفاخر،ويذهب حسن فى رحلات طويله،يتعلم كل شئ جديد،كان دائما يعلم ابناءه وابناء اخيه اهم شئ تعلمه وهو ان "الصبر على الحياه هو سر الحياه".
تأليف :احمد محمد الطيب
سلسلة جائزة الشارقة للابداع العربى
كتاب الثعلب والحرية : مجموعة قصصية للاطفال
تسرنا زيارتك رأيك يهمنا